الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية بقلم المنصف بن مراد: جرائم ضدّ الانسانيّة، في سوريا ثمّ في ليبيا.. مـن ارتكبهــا؟

نشر في  09 سبتمبر 2015  (10:40)

بعد نشر صورة «الطفل الجثة» إيلان الكردي السوري، استيقظت بعض البلدان الغربية وفتحت أبوابها لعدد من اللاجئين السوريين! وفي حقيقة الأمر بعد تدمير العراق وتقسيمه الى دولة شيعية وأخرى سنية وثالثة كردية ورابعة داعشيّة،  يبدو أنّ هناك مخطّطا للسيطرة على عدد من الدول العربيّة وإن أدّى الأمر إلى تدميرها بالكامل وتشريد نسائها وأطفالها وكلّ ما هو من جنس البشر فيها..
في البداية خططت «دول ارهابيّة» مارقة وبعض المخابرات لاركاع سوريا ثم مصر ثم ليبيا ثم تونس ومن بعدها الجزائر حتى تشكّل هذه «المستعمرات» مجموعة مسلوبة الإرادة ويتحكم في نفطها وفي أسواقها وحكّامها من الخونة والظلاميين!
انّ مسؤولية الحكومات الأمريكية المتعاقبة منذ بوش والى أوباما واضحة لا لبس فيها، فقد سعت الى تدمير البلدان العربية واستغلال نفطها وابتزاز اقتصادها منفّذة بذلك تصوّرا شاملا وممنهجا ينطلق من انّ العرب اعداء وانّ الحرب معهم لا مفرّ منها.. وفي هذا السياق أنصح كل من يهمّه هذا الموضوع بأن يقرأ مؤلف العربي عزوز «زمن هنتنغتن: صدام الحضارات ونهاية التاريخ» حتى يقتنع بأننا (نحن العرب) «نستحثّ الخطى لنخرج نهائيا من التاريخ».. فبعض القادة الغربيين يعتقدون أنّه يجب ارجاع العرب الى العصور الحجرية وإحكام القبضة على ثرواتهم، وإذلالهم واستقطاب نخبهم ونوابغهم.

لقد لعبت الولايات المتحدة دورا محوريا في تقسيم العراق وفي تدمير سوريا بمساعداتها للمعارضة «الوسطية» السورية التي هي في حقيقة الأمر منظمة القاعدة الارهابيّة، كما انّها ساندت في بداية الأمر داعش لتفكيك البلدان الاسلاميّة.. لقد قرّرت الولايات المتحدة الأمريكيّة منذ سنوات التحالف مع مكوّنات الحركة الدّينية المتشدّدة والعنيفة والارهابيّة طالما تركت أمريكا ورعاياها في أمان! ثم اشترطت واشنطن على الحركات الاسلاميّة ان تضمن سلامة اسرائيل وألا تمسّ بمصالحها، فامتثلت الأحزاب الاسلامية لشروط أمريكا التي استغلت الفرصة لبيع اسلحتها وطائراتها! وفي ما يخصّ تونس فقد قررت امريكا تحالف النداء والنهضة لعقود قادمة!
انّ الإدارة الأمريكية تتحمّل العبء الأكبر في تدمير سوريا وتشريد شعبها وبذلك ارتكبت جريمة ضدّ الانسانيّة.
أمّا المسؤول الثاني عن مآسي سوريا وليبيا وعن التهديدات الموجهة الى الديمقراطيين في مصر وتونس،  فهو الحكومة التركية التي ترفع «راية الاسلام».. فكلّ الارهابيين المتجهين الى سوريا يمرون عبر الأراضي التركية، كما أنّ الأسلحة الخفيفة والثّقيلة تمرّ هي أيضا عبر حدودها  في حين أنّ انقرة تساند الحركات الدّينية العربية وتسمح لقياديي داعش بتلقي العلاج في مستشفياتهم.. وعوض ان تستثمر تركيا في تونس مثلما وعد به أوردوغان شعبنا عندما زار بلادنا حيث صرّح انّ بلاده ستستثمر بما يناهز 40 ألف مليار من مليماتنا، لم يف بوعده، بل أصبحت بلاد البوسفور تساند المتطرّفين وكل التنظيمات المتستّرة بالدّين! وباستراتيجيتها هذه ساهمت أنقرة في تدمير سوريا وهجرة الملايين من السوريين، وهي تساهم في تأجيج نيران الاضطرابات في مصر وفي تونس!

أما الضلع الثالث في تحطيم سوريا وانقسام ليبيا فهو الدولة القطرية التي دعمت السياسة الأمريكية ـ التركية ـ الاسرائيلية، وهذا الثالوث يحلم بخارطة جغرافية سياسية تخضع لمصالحه فقط! فمن جهة تستثمر قطر أموالها في البلدان الغربية فتكوّن ثروات وتحدث مواطن شغل وتساهم في تنشيط اقتصادياتها، ومن جهة أخرى تقف الى جانب الحركات الدّينية العنيفة وتمول الجمعيات «الخيرية» ذات العلاقة بالعنف والارهاب! انّ مسؤولية هذه الحكومة في تدمير سوريا أمر لا يقبل الطعن أو التشكيك!
 ومن المتآمرين على العرب نذكر الحكومة الفرنسية وخاصّة الرئيس الأسبق ساركوزي المنحدر من أصول  يهودية فقد كان من ضمن الذين هندسوا لتدمير ليبيا كما كان للحكومة الفرنسية قسط وأيّ قسط في مأساة سوريا  وذلك دعما لاسرائيل وإضعافا للبلدان العربية وطمعا في نفطها..
وأمّا الوهابية التي تصدّر اسلاما متشدّدا فهي التي موّلت الحرب على الشعب السوري وساهمت في تخريب هذا البلد وبروز تنظيم داعش وذلك في نطاق مواجهة التهديدات الايرانية،  لكن ما خفي عن الوهابية هو ان الحركات الارهابيّة ستستهدفها بعد اشهر أو سنوات علما انّ بعض الأطراف الغربية تخطّط لتقسيم المملكة السعودية.
إنّ كل هذه الجهات مسؤولة عن الدمار في سوريا وليبيا وكلّها مسؤولة ايضا عن المهاجرين الذين فقدوا شغلهم واموالهم ومنازلهم ومدارسهم  ومستشفياتهم وأحلامهم وشرف فتياتهم وحتى هويتهم!

أما «الشيخ» القرضاوي و«برنار هنري لافي» فهما نموذج للمنظّرين المجرمين الذين لهم ضلع وأيّ ضلع في ما آلت اليه الأوضاع في سوريا وليبيا، فهما لا تهمّهما دماء الشهداء ولا بكاء الأطفال ولا عويل الأرامل ولا نحيب المهاجرين الذين يدفنون في أعماق البحار، فالأوّل يخدم التطرف والموت والجهل والثاني يخدم اسرائيل والموت!
بقيت مسؤولية اسرائيل التي أثرت على القرارات الأمريكية حتى تدمّر سوريا وتجبر الحكومة المصرية على الاهتمام بالارهابيين والتخلي عن القضية الفلسطينية! لقد خططت اسرائيل مع أمريكا وفرنسا وبعض البلدان الغربية ليعمّ الخراب ويستعرض داعش أبشع طرق الإعدام وتسيطر الحركات الدّينية حتى تنعم بالسلم طيلة عقود!
لنمرّ إلى تونس حيث كانت حكومة الترويكا الحليف الرسمي في تدمير سوريا وذلك بتحالفها مع قطر وتركيا،  وكلنا نتذكر مواقف المرزوقي «الحقوقي» والتي ساند من خلالها الحرب على بشّار ونظّم مؤتمرا لأصدقاء (والأصحّ أعداء) سوريا، كما نتذكر مواقف حزب النهضة وبعض نوابه وأغلب الأيمة في تسفير الشباب التونسي للجهاد في أرض الشام من أجل مصالح اسرائيل وقطر وأمريكا وتركيا..لقد كانت الترويكا وراء ايفاد 12.000 شاب تونسي الى الأراضي السورية فأصبحوا ارهابيين شرسين يشيعون بعد عودتهم الظلامية والموت في بلادنا!
انّ كل من ساهم في اشعال النيران في سوريا وليبيا سيقاضى يوما من أجل ارتكاب جرائم ضد الانسانية حتى وان حاول التضليل بشعارات رنّانة مثل «الدّفاع عن حقوق الانسان و«الاسلام»!
في الختام أدعو كلّ قارئاتنا وقرائنا وعائلاتهم لحضور حفل تكريم نساء تونسيات بمناسبة صدور كتابي «مادام في الثورة التونسية نساء» وذلك يوم الثلاثاء 15 سبتمبر في المسرح البلدي بالعاصمة من الساعة السادسة إلى الساعة السابعة والنصف مساء بحضور المساهمات في الكتاب.